يتمتع الاستثمار العقاري في تركيا بعدة مزايا مُهمة تشجع المستثمرين العرب والأجانب بالتوجه نحوه وجني ثماره والحصول على أرباح وعائدات مالية مُجزية تُلبي تطلعاتهم، ما هي تلك المزايا وما الأسباب الدافعة عن التملك والاستثمار العقاري في تركيا؟ هي محاور بحثنا في هذا المقال.
عائدات ربحية تنمو مع مرور الوقت
المُلفت في الاستثمار العقاري في تركيا هو نمو القيمة الاستثمارية للعقارات التركية مع مرور الوقت والمراقب لأسعار العقارات في تركيا بين عامي 2015 و2022 يرى التضخم الكبير الذي طالها بسبب عدة عوامل اقتصادية أدت بشكلٍ أو بآخر إلى الارتفاع الكبير في أسعار العقارات نتيجة ارتفاع تكاليف مواد البناء وأجور العمالة وغيرها وعلى أقل تقدير فإن قيمة العقارات التركية وخاصةً عقارات إسطنبول ارتفعت بين عامي 2015 و2022 بنسبة 700% إلى 900% وأكثر في بعض المناطق، وهذا الارتفاع في أسعار العقارات أدى أيضاً لارتفاع القيم الإيجارية فالعقار الذي كان إيجاره عند 1000 ليرة تركية في العام 2015 يتجاوز الآن 6000 ليرة في العام 2022 (نتكلم عن العقارات داخل المجمعات السكنية).
إمكانية الحصول على الجنسية التركية
أدى إطلاق برنامج “الاستثمار مقابل الجنسية” في العام 2017 وتعديلاته في الأعوام اللاحقة إلى ثورة عقارية حقيقية وزيادة المبيعات بشكلٍ كبير ووفقاً للبيانات الصادرة عن هيئة الإحصاء التركية فقد سجلت مبيعات العقارات التركية للأجانب في الأعوام الأخيرة الأرقام التالية:
22 ألف و189 عقار في العام 2017
39 ألف و663 عقار في العام 2018
45 ألف و 483 عقار في العام 2019
40 ألف و812 عقار في العام 2020
58 ألف و576 عقار في العام 2021
وبالرغم من أن عدد المستثمرين الحاصلين على الجنسية التركية بين عامي 2017 و2021 لا يزيد عن 18 ألف مستثمر (وعائلاتهم) بحسب الأرقام الرسمية إلا أن هذا الأمر شكل حافظاً لباقي المستثمرين الأجانب الراغبين بتحقيق الأرباح المادية مما زاد من نسبة التهافت على شراء العقارات التركية.
دعم الحكومة التركية للقطاع العقاري
يبرز الدعم الحكومي للعقارات التركية جلياً من خلال تقديم عدة حوافز وتسهيلات نذكر منها:
عقارات بضمان حكومي:
أي تكون الشركة الإنشائية شركة حكومية أو شركة خاصة بالتعاون مع شركة حكومية، أو شركة خاصة على أرض تابعة للبلدية التركية، وبالتالي فإن العقار بضمان الحكومة التركية الأمر الذي يريح بال المستثمر خصوصاً عند شراءه عقاراً قيد الإنشاء.
القضاء التركي ينصف المستثمرين الأجانب:
لن يقف القضاء التركي بأي حالٍ من الأحوال مع المقاول التركي ضد المستثمر الأجنبي في حال قيام المقاول بالتحايل على المستثمر الأجنبي بل سيرد القضاء التركي الحقوق مع كافة التعويضات.
النوتر التركي:
يسهم النوتر (كاتب العدل) التركي في حماية المستثمرين الأجانب من خلال توثيق وتصديق عقود الشراء ومنحهم الصبغة القانونية.
تقرير التقييم العقاري:
أوجدت تركيا ما يُسمى “تقرير التقييم العقاري” لحماية المستثمرين الأجانب من زيادة السعر، إذ لا يمكن نقل ملكية عقار دون تقديم تقرير التقييم العقاري الصادر عن جهات حكومية والذي يُحدد قيمة العقار السوقية لا الرقم الذي يطلبه البائع، وبالتالي تأطير أسعار العقارات التركية وفق القانون.
السوق العقاري التركي يذخر بالفرص الواعدة والمميزة
نتيجةً لقوة الشركات الإنشاء التركية وأعمالها داخل تركيا وخارجها زادت المنافسة فيما بينها على طرح المجمعات السكنية والتجارية الجديدة بأحدث المعايير والمقاييس التي وصل إليها عالم البناء، بالإضافة إلى التنافسية في العروض والأسعار والمزايا المُتباينة فيما بينها، ومع إزالة الحكومة التركية القيود أمام 183 جنسية حول العالم وتساوي خطوات التملك العقاري بين المواطنين الأتراك والأجانب ورفع العقبات البيروقراطية أمام التملك العقاري، أضحى السوق العقاري التركي مليئاً بالفرص الواعدة والمميزة التي تؤدي بشكلٍ أو بآخر إلى تحقيق مشتري العقارات التركية لأهدافه سواءً كانت السكن في تركيا أو الاستثمار العقاري أو الحصول على الجنسية التركية.
أسعار العقارات التركية هي الأقل على المستوى الأوروبي
بالرغم من أن الطقس في دول الاتحاد الأوروبي أكثر برودة ولا يعرف الاعتدال إلا لبضعة أيام في العام إلا أن أسعار العقارات مرتفعة جداً قياساً بأسعار العقارات التركية التي ضمت عدة مزايا كالموقع المهم الذي يتوسط العالم ويسهل التنقل منها وإليها متوسطةً القارات الثلاث (آسيا، أوروبا، أفريقيا)، بالإضافة للعوامل الطبيعية والطقس المُعتدل، يُضاف على ذلك أنه لا صحراء في تركيا مما يعلل تسميتها (تركيا جنة الأرض) بسبب تعدد البحار والبحيرات فيها وارتفاع نسبة المساحات الخضراء والرقعة النباتية من جبال وسهول وتلال وهضاب ووديان وأشجار وشجيرات ونباتات ساهمت في اعتدال الأجواء طيلة العام، وبالعودة إلى أسعار العقارات في تركيا فيمكننا على سبيل المثال شراء غرفة وصالة في منطقة أسنيورت بضواحي إسطنبول بسعر 75 ألف دولار، ولكن من الصعب إيجاد استديو (1+0) في ضواحي لندن بسعر 500 ألف دولار!.
الإعفاءات الضريبية للمستثمرين الأجانب
تعفي الحكومة التركية المستثمرين الأجانب من ضريبة القيمة المُضافة التي تكون إما 1% أو 8% أو 18% (بحسب نوع ومساحة العقار) وشروط الإعفاء من هذه الضريبة هي:
- يجب أن يكون المُستثمر الأجنبي غير مُقيم في تركيا.
- عدم وجود أي مقر له في تركيا من شركة أو محل أو معمل أو غيره.
- عدم الإقامة في تركيا لفترة تتجاوز 6 أشهر في العام الذي سبق شراء العقار.
- عدم وجود تصريح إقامة في تركيا ساري المفعول من العام السابق.
- عدم وجود عنوان مُسجل في تركيا.
- يشمل الاعفاء الضريبي من ضريبة القيمة المُضافة على العقارات الجديدة فقط، أما العقارات القديمة فتجب عليها هذه الضريبة بغض النظر عن تحقيق الشروط.
- العقارات المشمولة بالإعفاء من هذه الضريبة هي المباني السكنية “شقق، فلل” بالإضافة للمكاتب وأماكن العمل، أما الأنواع الأخرى من العقارات كالأراضي والأراضي الزراعية فهي غير مشمولة بهذا النوع من الاعفاء.
- وجود حوالة بنكية تثبت أن الأموال المدفوعة من مصادر خارجية (من خارج تركيا) أو بوثيقة إعلان جمركي في حال تم نقل المبلغ نقداً إلى تركيا مع التنويه بضرورة أن يكون الدفع للاستثمار العقاري بالعملة الأجنبية.
- غير مسموح للعقارات التي شملها الإعفاء من ضريبة العقار المُضافة بيعها لمُدة عام كامل.
- عند تقديم طلب للسلطات المعنية بالإعفاء من هذه الضريبة يجب الانتباه لعدم الوقوع في خطأ يؤدي لفقدان الحق من هذا الاعفاء.
الإعفاء من ضريبة الطابو:
ضريبة نقل الملكية العقارية أو ما يُعرف بـ “ضريبة الطابو” تبلغ قيمتها 4% ويتم الإعفاء منها في حال شراء عقار ضمن المناطق التي خصصتها الحكومة التركية كمناطق “إعادة إعمار” ومن أبرز تلك المناطق في إسطنبول على سبيل المثال “كاغيت هانة، كادي كوي”.
ضرائب تنافسية:
إن الضرائب العقارية في تركيا هي ضرائب تنافسية قياساً بالضرائب العقارية المفروضة في الدول الأوروبية، على سبيل المثال فإن ضريبة الطابو في بعض مناطق لندن العاصمة البريطانية تصل إلى 12% من قيمة العقار بينما لا تتجاوز في تركيا 4% وهي موحدة في كافة المناطق والولايات التركية التي تخضع لها.
هل الاستثمار العقاري في تركيا محمي ضد التضخم؟
ما المقصود بالتضخم؟ هو عبارة عن مؤشر أسعار المستهلك ويُحدد على أساس شهري وأساس سنوي ويطال جميع أنواع القطاعات الاقتصادية في البلاد وعلى رأسها القطاع العقاري، إلا أن تأثير التضخم على العقارات التركية هو تأثير إيجابي ولكن كيف ذلك؟
يرجو المستثمر العقاري في تركيا أن يحقق أرباحاً مادية نتيجة استثماره وتأتي تلك الأرباح إما من تأجير عقاره أو من إعادة بيعه بعد مرور فترة من الزمن، وإعادة البيع تكون في حال ارتفعت قيمة العقار بين الفترة الشراء وفترة البيع والفارق بين السعرين هو الربح الذي يحققه المستثمر، وهذا الارتفاع في السعر يأتي نتيجة عدة عوامل من بينها ارتفاع مؤشر التضخم في البلاد.
كيف أثرت أزمة الليرة التركية على المستثمرين في قطاع العقارات التركية؟
بالتزامن مع انخفاض قيمة الليرة التركية بسبب المضاربات التي طالتها في العام 2018 وتأثيرات كورونا في عامي 2020 و 2021 زاد الإقبال الأجنبي على شراء العقارات التركية بسبب نظرة المستثمر الأجنبي بأن انخفاض قيمة الليرة التركية يعني انخفاض قيمة العقارات التركية وهذا الاعتقاد صحيح لحدٍ ما، إذا أن الليرة التركية ممكن أن تنخفض بشكل لحظي أو يومي أو شهري وفي هذه الفترة يسارع المستثمر الأجنبي إلى شراء العقارات التركية التي سيزيد سعرها بسبب تدني سعر صرف الليرة التركية ولكن ليس بشكل فوري إذ يجري الانتظار مدة أسابيع كي يهدأ السوق وتستقر الليرة عند رقم مُعين وبدها يزيد السعر وبالتالي هذه الفترة هي الفترة الذهبية للمستثمرين الأجانب، وقد سجلت الأرقام الرسمية مبيع آلاف العقارات التركية للأجانب للاستفادة من هذا الأمر.