تحديات تركيا الاقتصادية للعام 2023

https://imes-group.com.tr/wp-content/uploads/2023/08/التحديات-الاقتصادية-في-تركيا.webp

لم يعد يخفى على أحد أن تركيا تُعاني منذ العام 2018 أزمات اقتصادية مُتتالية بدأت بوادرها مع أحداث الانقلاب الفاشل مُنتصف العام 2016 حيث أراد الانقلابيون على الشرعية التركية بعد فشلهم السياسي والعسكري أن ينقلبوا على الاقتصاد التركي.

ما هي أبرز العقبات التي واجهت الاقتصاد التركي في الآونة الأخيرة؟

العام 2018: بدأت عمليات تُسمى بالمضاربات على الليرة التركية في محاولة لتخفيض قيمة العملة التركية التي باشرت انخفاضها أمام العملات الأجنبية لاسيما الدولار الأمريكي منذ ذلك الحين.

العام 2019: ارتفاع مؤشر التضخم في البلاد نتيجة تراجع قيمة العملة التركية، ارتفاع نسبة الفائدة التي أدت لتغير عدة مُحافظين للبنوك تخفيض أسعار الفائدة بهدف أن يكون الاقتصاد التركي مبني على الإنتاج والاستثمار والتوظيف لا على الفوائد البنكية.

العام 2020 والعام 2022: كورونا ومن لا يعرف كورونا وما أدت به لكوارث اقتصادية على العالم أجمع بسبب توقف الإنتاج وشل حركة الطيران وإغلاق المطارات وانعدام السياحة والحظر المسائي والأسبوعي وانقطاع سلاسل التوريد.

العام 2022: إن أول من دفع ثمن الأزمة الروسية الأوكرانية كانت تركيا بسبب القرب الجغرافي وموقعها في حلف الناتو وعلاقاتها الدبلوماسية القوية من الدولتين واشتراكها معها في مياه البحر الأسود ودخولها كمفاوض رئيسي في المفاوضات الجارية بين الروس والأوكران.

انخفضت قيمة الليرة التركية بشكلٍ ملحوظ وبمُعدل تجاوز 400% من قيمتها فبالعودة للعام 2018 نرى أن الليرة التركية كانت تسجل 6.90 ليرة أمام الدولار الواحد أما اليوم فتجاوزت قيمة الدولار عتبة 27 ليرة تركية. أدى تراجع قيمة الليرة والعقبات المذكورة أعلاه إلى مزيد من العوائق أمام مسيرة الاقتصاد التركي الذي واجهها بالمزيد من الإنتاج وتخفيض الفائدة والاستثمار والتوظيف، ووفقاً لوكالة الأناضول التركية نقلاً عن مكتب الاستثمار في رئاسة الجمهورية التركية فإن قيمة الاستثمارات الأجنبية المُباشرة في تركيا قد بلغت 14.2 مليار دولار في العام 2021 وهو المبلغ الاستثماري الأجنبي الأعلى منذ العام 2016.

وجاءت دول: “المملكة المُتحدة، الولايات المُتحدة، هولندا، سويسرا، الإمارات العربية المُتحدة، ألمانيا، لوكسمبورغ، كوريا الجنوبية، اليابان، إيرلندا” في مقدمة الدول الأكثر استثماراً في تركيا بحسب ما جاء على لسان مدير مكتب الاستثمار في رئاسة الجمهورية التركية “بوراك داغلي أوغلو”.

وعلى صعيد الصادرات التركية والتبادل التجاري فإن المصادر الرسمية وعلى رأسها هيئة الإحصاء التركية ووزارة التجارة والمالية تشير إلى أن قيمة الصادرات التركية تجاوزت 225 مليار في العام 2021 وهي أعلى رقم صادرات في تاريخ الجمهورية التركية.

أما مبيعات العقارات التركية فقد شهدت بدورها ارتفاعاً كبيراً وغير مسبوق فبالرغم من تراجعها نسبياً في عام 2020 إلا أنها سجلت أعلى رقم لها على الإطلاق في العام 2021 متجاوزةً 58 ألف عقار بينما بلغ مُجمل مبيعات العقارات في تركيا قرابة مليون ونصف عقار في العام المذكور (نقلاً عن هيئة الإحصاء التركية).

ما الأسباب التي دفعت الاقتصاد التركي للصمود وتحقيق الأرقام القياسية؟

البرنامج الاقتصادي التركي: أطلقت تركيا برنامجها الاقتصادي أواخر العام 2018 وركز البرنامج على الإنتاج والاستثمار والتوظيف مقابل أسعار فائدة مُنخفضة ليكون الاقتصاد التركي مبنى على العمل لا على الأموال النائمة في البنوك.

مركز إسطنبول للتمويل الإسلامي الدولي: سيكون بلا شك عاصمة التمويل لتركيا والعالم عند افتتاحه رسمياً أواخر العام الجاري أو مطلع العام المُقبل، يقع المركز في منطقة آتاشهير التابعة لقضاء عُمرانية في الشطر الآسيوي لمدينة إسطنبول ممتداً على مساحة ضخمة مُتضمناً مكاتب وفروع لشركات مالية ضخمة على رأسها البنك المركزي التركي وبنوك تركية ودولية ومؤسسات عربية وخليجية وسيعمل على الربط بين قارات العالم ليكون واحداً من أهم المراكز المالية في العالم.

قناة إسطنبول المائية: منذ قرابة العام بدأت أعمال حفر وتشييد قناة إسطنبول المائية والتي ستكون جاهزة في العام 2017 (وفقاً للرئيس التركي رجب طيّب أردوغان)، تمتد القناة من شمال بحيرة كوتشوك تشكمجة وتصب في جنوب البحر الأسود في منطقة أرناؤوط كوي، ستقسم الطرف الأوروبي لإسطنبول إلى قسمين وستزيد أهميتها عن مضيق البوسفور كونها ستستقبل عدداً كبيراً من السفن التجارية المُتجهة من أوروبا إلى آسيا وأفريقيا، وبالتالي سترتفع أسعار العقارات على جانبي القناة بشكل كبير وغير مسبوق.

مطار إسطنبول الدولي: تركيا على موعد مع افتتاح كامل أقسام مطار إسطنبول الدولي في العام 2023 بالتزامن مع الذكرى المئوية الأولى لتأسيس الجمهورية التركية وسيكون واحداً من أكبر مطارات العالم بقدرة استيعابية 250 مليون مسافر سنوياً ومدرج يتسع لـ 500 طائرة في آنٍ معاً.

مُدن تركيا الطبية: دفعت المُدن التركية الطبية العامل الاستثماري في البلاد بشكلٍ كبير لاسيما الاستثمار الصحي، وقد شهد منتصف العام 2020 افتتاح القسم الأول لمدينة باشاك شهير الطبية وهي أكبر مدينة طبية في أوروبا والثالثة على مستوى العالم من حيث تنوع الاختصاصات الطبية.

المشاريع الإنمائية التركية: تعمل تركيا على إنشاء عدة مشاريع إنمائية فبعد أن أتمت قبل عدة سنوات مشروع قناة أوراسيا الذي يربط بين قارتي أوروبا وآسيا تحت مياه البوسفور، بالإضافة إلى طريق شمال مرمرة السريع الذي يختصر الوقت والوقود والمسافة ومشروع جسر تشاناكالي، ومطار ريزة ثاني مطار عائم في تركيا، ها هي اليوم تواصل مشاريعها الكبرى كتحويل أرض مطار أتاتورك السابق لأكبر حديقة شعب في تركيا وأوروبا، فضلاً عن مشروع ميدان باشاك شهير الذي يُضاهي ميدان تقسيم بمرتين، وهُناك أيضاً أكبر حديقة نباتية في أوروبا وغيرها.

تنبع القوة الاستثمارية لتركيا أولاً من موقعها الجغرافي الذي يتوسط العالم ويربط بين ثلاث قارات، بالإضافة لعوامل الجذب السياحي من أماكن تاريخية وشواطئ وغابات وقلاع وجسور وأنفاق ومدن تراثية، كما أن العامل البشري (يزيد عدد سكان تركيا عن 84 مليون نسمة) أدى بشكلٍ أو بآخر لاتساع القوة الشرائية وبالتالي زيادة الإنتاج وتطوير الصناعة والتجارة لحدٍ بعيد.

تركيا واحدة من أكثر الدول تطوراً على المستوى الصناعي فهي اليوم في طور إطلاق سيارتها الكهربائية محلية الصنع TOGG مطلع العام 2023، بالإضافة لإرسال رائد فضاء تركي إلى القمر وريادة الصناعات الطبية في تركيا والتي أثبتت نفسها بجدارها في فترة الوباء عند تصنيع وتصدير أجهزة التنفس الصناعي والأدوات والمستلزمات الطبية لعشرات الدول حول العالم في الوقت الذي توقف فيه العالم عن الإنتاج وذلك عبر مروحيات تركية خاصة لإيصالها على شكل صادرات أو مساعدات أو هبة.

تركيا اليوم تأمل أن تكون في نادي العشر الكبار اقتصادياً (تمتلك تركيا عضوية في مجموعة العشرين الاقتصادية أقوى اقتصادات العالم)، وتعمل جاهدةً لبلوغ أهدافها الاقتصادية والصناعية والتجارية والتكنولوجية والطبيّة.

هُناك مثل قديم يقول “السقوط الذي لا يكسر يقوي” الاقتصاد التركي تعرض لعدة أزمات وهزات فعلاً ولكنها كان أقوى بكثير مما اعتقد العابثون والأرقام والاحصائيات هي أكبر دليل على أن تركيا ماضية هي وشركائها وكل من آمن بها وباقتصادها نحو مستقبل مشرق واستثمارات ناجحة وتطورات هائلة.

https://imes-group.com.tr/wp-content/uploads/2023/04/Main-Logo-2-1-2.png

املأ الاستمارة ودعنا نتصل بك

    املأ الاستمارة ودعنا نتصل بك

      استشارة مجانية